روايات رومانسيهرواية لعبة القدر

رواية لعبة القدر للكاتبة شاهندة الفصل الرابع

فى مدينة الاسكندرية، عروس البحر الأبيض المتوسط، كانت مريم تتذكر كيف مرت الأيام عليها بطيئة، ولكنها لم تكن تدرك انها هى وعمر يزدادان قربا من بعضهما رغم قرار كل منهما بالنسيان، عمر لا يستطيع اخراجها من أحلامه، يراها يوميا فى تلك الأحلام، يشعر بلمسات يدها على صدره، يسمع صوتها العذب تهمس فى أذنه قائلا:
بحبك ياعمر، بحبك.

لتتقابل شفتيهما بقبلة شغوفة تجعله يشعر بأنه فى الجنة يذوق شهدها ليستيقظ ويجد انه كالعادة يحلم بها ويستيقظ ومازال طعم شفتيها الكرزتين فى فمه، ليستغفر الله ويتوضأ ويصلى فرضه ثم يذهب الى عمله لتتابعها عيناه رغما عنه ليعود فيستغفر ربه مذكرا نفسه بأنها امرأة متزوجة حتى ينتهى الدوام فيعود لمنزله وأحلامه التى تحتلها هى، وهى فقط.

أما مريم فمازالت تقاوم مشاعرها الخائنة والتى تهفو اليه، ومقاومتها تضعف وتضعفها، لتعود لمنزلها لترى سيف الذى يملؤها بالطاقة، كم هو طفل رائع يأخذها لعالم آخر، يجعلها تواجه كل مصاعب حياتها، كانت مريم تشعر بالملل فاذا بعمر يستدعيها لمكتبه فقامت وأخذت نفسا عميقا ودخلت المكتب لتفاجأ بعادل يجلس امام عمر والذى ما ان التفت اليها وتقابلت عينيه البنيتين بعينيها الزرقاوتين حتى انتابته الصدمة وعقد حاجبيه فى دهشة وهو يستمع الى عمر الذى يقول:.

دى بقى تبقى مدام مريم اللى كلمتك عنها ياعادل
ظهر التوتر على ملامح مريم وعمر يستطرد وهو يقول لعادل الذى تمالك نفسه واعتلت ملامحه الغموض:
وده عادل ابن خالتى وشريكى يامدام مريم
قال عادل فى هدوء:
تشرفنا يامدام مريم
نظرت اليه مريم فى ارتباك قائلة:
الشرف لية ياأستاذ عادل
ابتسم عادل وهو يوجه حديثه الى عمر قائلا:
انا همشى دلوقتى ياعمر عشان مستعجل، متتأخرش ع الغدا، والدتك وملك مستنيينك.

ونظر الى مريم الشاردة وقد أثار اسم ملك انتباهها فشعرت بالغيرة تنهش أحشائها وهى تتسائل عن علاقة عمر بملك، هل هى حبيبته؟خطيبته؟ام زوجته؟
تابع عادل ملامحها وابتسم فى خبث وهو يغادر الحجرة قائلا:
أشوفك قريب يامدام مريم
اومأت مريم برأسها فى شرود، أفاقت منه على صوت رنين هاتفها فاستأذنت من عمر بعينيها لتخرج وترد عليه فأشار لها أنه لا بأس بأن تجيب، فأجابت على الهاتف قائلة:
اذيك ياندى.

وعلا صوتها وهى تقول فى فزع:
وانتوا فين دلوقتى؟، طيب طيب أنا جاية حالا
عقد عمر حاجبيه وهو يرى دموع مريم تهدد بالانهيار فقال فى لهفة:
خير يامريم، فيه ايه؟
نظرت اليه بعيون ذائغة وكأنها تدرك ولأول مرة وجوده وهى تقول فى انهيار:
ابنى، ابنى فى المستشفى
ازداد انعقاد حاجبيه وهو يدرك لتوه أنه لا يعلم شيئا عن مريم، فالى جانب زواجها هناك طفل لها يزيد ارتباطها بزوجها ويعرقل انفصالها، أفاق من أفكاره على صوتها يقول:.

أنا لازم امشى حالا
فقال فى تصميم:
هاتى شنطتك وتعالى اوصلك
نظرت اليه فى صدمة قائلة:
مفيش داعى، أنا هروح لوح…
قاطعها قائلا:
مش هتعرفى تسوقى وأنا مش هقدر أسيبك وانتى فى الحالة دى
هزت رأسها فى يأس قائلة:
بس…
قاطعها قائلا:
مغيش بس، يلا يامريم
اومأت برأسها واتجهت إلى مكتبها لتأخذ حقيبتها وهى تدعو ربها أن يحمى طفلها وأن لا يكتشف عمر حقيقة سيف.

كان يوسف متجها الى السيارة حين توقف ليحادث كرمة، تابع آسر بعينيه فى غيظ شديد ذلك الحوار الدائر بينهما والذى انتهى بربتة يد كرمة على يد يوسف وايماء يوسف بالموافقة على كلماتها ثم ذهابه باتجاه سيارتهه حيث تنتظره نور بداخلها لكى يذهبوا الى شهر عسلهم، كانت تدور فى رأس آسر العديد والعديد من الأفكار السوداء حول علاقة كرمة بيوسف، هو لا يدهشه خيانة كرمة لصديقتها فالنساء بطبعهن خائنات ولكن ما يدهشه هو يوسف نفسه فهو ليس بطبعه الخيانة خاصة وهو يبدوا عاشقا لنور متيما بها، تلاقت عينا كرمة بحدقتى آسر الغاضبتين فاعتلت ملامحها الدهشة لثوان ثم تجاهلته تماما وهى تدلف الى المنزل صاعدة لحجرتها تتعجب فى نفسها من مشاعر آسر العدائية تجاهها.

اتجه آسر لحجرة جدته فى غضب وعندما أذنت له بالدخول دخل قائلا دون مقدمات:
تيتة، انا قررت أتجوز
ابتسمت الجدة فى حنان وهى تعرف أن لعنة الحب من اول نظرة والتى لطالما أصابت أبناء عائلة الغازى من الذكور قد أصابت حفيدها آسر، لذا قالت فى سعادة:
قرار جميل ياحبيب تيتة، وياترى مين العروسة؟
انعقد حاجبى آسر وهو يقول فى حسم:
كرمة.

أسرعت مريم الى داخل المستشفى متجهة الى غرفة العمليات يتبعها عمر حيث وجدت ندى فأسرعت باحتضانها ودموعهم تنهمر فى صمت قطعه صوت مريم المتألم وهى تقول من بين شهقاتها:
ابنى هيروح منى ياندى، سيف ياندى، ده هو الأمل اللى عايشة عشانه، لو جراله حاجة هموت ياندى هموت
قالت ندى فى حزن:
متقوليش كدة يامريم، سيف هيعيش وهيقوملنا بالسلامة بإذن الله
نظرت مريم إلى السماء قائلة فى تضرع:.

يارب نجيه، ده هو اللى فاضلى منه يارب، نجيه عشان خاطرى
كان عمر ينظر الى مريم فى حزن، ينفطر قلبه عليها ولكن ما ان استمع لكلماتها الأخيرة حتى أغمض عينيه فى ألم، لقد أيقن فى تلك اللحظة أنه لابد وان يبتعد عنها للأبد، فمازالت تتعبد فى محراب زوجها، ووجوده فى حياتها خطأ كبير فى حق نفسه وحق مريم وحق شخصا آخر يحسده من كل قلبه، قاطع أفكاره خروج الممرضة التى نظرت اليهم قائلة فى سرعة:.

المريض فقد دم كتير ومعندناش فى المستشفى كميات كافية من فصيلة دمه، حد منكم ممكن يتبرعله؟
قالت مريم فى انهيار:
محدش فينا يقدر يتبرعله لأننا مش نفس فصيلة دمه وفصيلته مبتقبلش تاخد غير من نفس الفصيلة
تدخل عمر فى الحوار قائلا:
فصيلة دمه ايه؟
نظرت له مريم وهى تدرك لتوها وجوده فتلعثمت قائلة:
أو سالب
انعقد حاجبيه قائلا للممرضة فى لهفة:
أنا كمان أو سالب
قالت له الممرضة بسرعة:
اتفضل معايا.

تابعته مريم بعينيها فى حين قالت ندى فى حيرة:
مين ده يامريم؟
تنهدت مريم قائلة:
بعدين ياندى، بعدين هقولك كل حاجة
كانت مريم تدرك الآن ان حياتها الهادئة على وشك أن تتغير للأبد ولكن كل شئ الآن لا يهم، المهم الآن هو سلامة سيف، نعم هذا هو المهم.

وقف عمر يتابع بعينيه مريم وهى تضم كف ولدها الى صدرها، نظر الى الطفل فى حنان ووجد قلبه فجأة يتمنى، يتمنى فقط لو كان هو زوج مريم وسيف طفلهما، ولكن هل كل الأمنيات تتحقق، تنهد فى حزن واقترب من مريم قائلا:
مريم أنا لازم امشى دلوقت
بدت مريم وكأنها لم تسمعه فاقترب منها أكثر ولمس كتفها قائلا:
مريم!

انتفضت مريم والتفتت اليه بسرعة فتهادى اليه عبيرها وياللعجب، انها رائحة الياسمين، نفس الرائحة التى دائما ماتصله منها فى احلامه، فعقد حاجبيه فى حيرة وشرود أفاق منهم على صوتها يقول:
خير ياأستاذ عمر
التفت اليها قائلا:
انا كنت بس بقولك انى لازم امشى
اومأت برأسها قائلة:
آه، اكيد طبعا، شكرا مرة تانية ع اللى عملته مع سيف
تأمل عمر ملامحها قائلا:
اى حد غيرى كان هيعمل اللى عملته
ثم صمت للحظة واستطرد قائلا:.

هو انا ممكن أسألك سؤال؟
نظرت اليه فى تساؤل وجل فاستطرد قائلا:
هو والد سيف فين؟
اغلقت مريم عينيها فى حزن ولم ترد فاستطرد قائلا:
أنا آسف والله، ده مش فضول منى، بس أنا شايف انه لازم يعرف وانتى مكلمتيهوش
فتحت مريم عينيها لتقول:
والد سيف ميعرفش أصلا انه موجود
اتسعت عينا عمر فى دهشة فابتسمت مريم فى مرارة قائلة:
احنا منفصلين من قبل ما يعرف حتى انى حامل
كاد عمر ان يتحدث فأشارت اليه مريم بالصمت قائلة:.

أظن أنا كدة جاوبتك على سؤالك واكتر من كدة مقدرش اتكلم، دى حياتى الشخصية، أرجوك تحترم ده
أومأ عمر برأسه قائلا:
أكيد، أنا آسف مرة تانية، انا همشى دلوقتى ولو احتجتى حاجة اتصلى بية علطول
اومأت مريم برأسها فاستدار مغادرا الحجرة تتابعه عيناها فى ألم وهى تقول:.

آه ياعمر، مش عارفة ايه اللى بيحصل معانا ده؟، ده قدر ولا نصيب ولا ايه بالظبط؟ انت من بين كل الناس اللى بتسأل على أبوه، ياترى ياعمر لو عرفت ان انت أبوه، هتعمل ايه؟
نزلت دموع عينيها فى صمت حزين وهى تنفض أفكارها بعيدا و تقبل يد صغيرها، تبتهل الى الله فى صمت ان يشفيه، فهذا كل ما يجب ان تفكرفيه الآن، ولا شئ آخر يهم.

تأملت نور تلك الفيلا الصغيرة ذات التصميم الرائع فى شغف وانتقلت بين جنباتها تتفحصها بتمعن فمنذ وصولهم الفيلا وهى حبيسة غرفتها التى أدخلها اليها يوسف، تخشى الاحتكاك به وتخشى ذلك الشعور الغريب الذى ينتابها كلما كان حولها، تزداد دقات قلبها ويتوتر بشدة، تشعر بالخجل تحت وطأة نظراته الحانية، لم تستطع الخروج حتى رأته من شرفة حجرتها يتجه للخارج، ربما مل جلوسه وحيدا، لا تعرف، دلفت نور الى المطبخ لتعد شيئا ليأكلوه، فمنذ وصولهم الى الفيلا ويوسف هو من يعد الطعام لهما ثم يحضر طعامها لغرفتها ويغادر بهدوء، واليوم يبدو كمن مل كل شئ، أعدت نور وجبة رائعة، انها وجبتها المفضلة طاجن لحم بالخضروات وعندما وضعته بالفرن وقفت تقطع السلطة وهى تدندن بلحن جميل ثم شدا صوتها بالغناء فقد كان صوتها ملائكيا، لم تشعر بيوسف الذى عاد وتعجب من سماعه لذلك الصوت الجميل وتوجه الى المطبخ حيث مصدر الصوت ليفاجأ بتلك الحورية الجميلة التى تقف معطية اياه ظهرها وهى تشدو قائلة:.

أنا أنا كلى ملكك، أنا كل حاجة حبيبى فية بتناديك، انا أنا مش بحبك الحب كلمة قليلة بالنسبة ليك
ليكمل هو بصوت عذب قائلا:
انت فرحة جت لعندى بعد عمر من التعب…
انتفضت نور والتفتت اليه لتجده يكمل قائلا:
الحياة اللى بعيشها ياحبيبى انت السبب، ضحكتك عقلك جنونك والحنان اللى فى عيونك، هوصف ايه واحكيلك ايه
أحست نور بأن الزمن توقف تأسرها عينا يوسف وتجعلها مبحرة فى نظراته لتفيق على صوته قائلا:.

أنا شكل ماما الله يرحمها دعيتلى فى ليلة القدر
عقدت حاجبيها فى حيرة وهى تقول:
ها، تقصد ايه؟
ابتسم وهو يلاحظ ان نور لم تشعر به وهو يضع يديه على طرف المنضدة حابسا اياها بين ذراعيه وهو يستطرد قائلا:
ماما الله يرحمها دعيتلى فى ليلة القدر وقالتلى روح يايوسف إلهى يرزقك بحورية من السما تنور لك قلبك وتسكنهولك
أفاقت نور على كلماته التى نبهتها لوضعها بين ذراعيه فقالت فى خجل حاسم:
لو سمحت عدينى، ميصحش كدة.

ازداد يوسف اقترابا منها وهو يقول:
هو ايه بس اللى ميصحش أنا جوزك على فكرة
احتدت نور قائلة:
يوسف
نظر يوسف الى عينيها الرائعتين قائلا:
عيون يوسف وقلب يوسف وعمره كله
ازداد ارتباك نور وخجلها وتعجبت من اضطراب مشاعرها فقالت فى حزم:
ارجوك كفاية كدة احنا اتفقنا على ايه؟
عقد يوسف حاجبيه قائلا وهو يعتدل مطلقا سراحها:.

اتفقنا على حاجات كتير، اتفقنا نكون أصحاب وأول ماوصلنا الفيلا اختفيتى فى اوضتك زى ماأكون هاكلك، اتفقنا انى اقبل انك مبتحبنيش وان يكون بينا هدنة بس مااتفقناش أبدا، ابدا على انى أخبى مشاعرى ومعبرش عنها
قالت نور فى حزن:
بس انت عارف انى بحب…
قاطعها قائلا وهو يضع يده على فمها:
عشان خاطرى متقوليهاش بحس ساعتها بوجع هنا.

وأمسك بيدها واضعا اياها على قلبه فاضطربت مشاعرها بشدة ونظرت الى عينيه بحيرة وشعر هو أنه على وشك نقض اتفاقهما وغمرها بين زراعيه، فابتسم تاركا يدها وانزل يده التى وضعها على شفتيها ومرر يده فى شعره قائلا:
ريحة الأكل تجنن ياترى عاملالنا ايه؟
ونظر اليها غامزا وهو يقول:
قمر وست بيت شاطرة كمان، يابركة دعاكى ياماما
لم تستطع نور كتم ابتسامتها وهى تقول فى سرها:
مجنون.

ثم اتجهت الى الفرن لتخرج الطاجن وتضع الأكل على المنضدة ليتناولا الطعام لاول مرة فى جو من الصداقة و، الحب.

فى فيلا عمر الجمال…
جلست نادية والدة عمر تضحك قائلة:
حرام عليكم والله، هو انتوا متعرفوش تقعدوا من غير ماتغلسوا على بعض، ناقر ونقير علطول كدة
نظرت لها ملك فى غيظ قائلة:
ماهو اللى بيبتدى ياماما
ابتسم عادل فى شقاوة قائلا:
انتى يابت انتى هتتلككى، هو أنا جيت جنبك؟
جزت ملك على أسنانها قائلة:
بس متقولش بت.

ازدادت ابتسامة عادل اتساعا وكاد أن يقول شيئا حين قاطعه دخول عمر الذى ألقى السلام ثم جلس بجوار والدته مقبلا يدها وهو يقول:
اذيك ياست الكل
ابتسمت نادية فى حنان قائلة:
أنا بخير ياحبيبى، أحضر لك الأكل
هز عمر رأسه رافضا وهو يقول:
لا ياحبيبتى متتعبيش نفسك، مليش نفس
قالت ملك:
اتأخرت ليه ياعمورى؟
نظر اليها عمر قائلا:
كان عندى مشوار كدة خلصته وجيت
ابتسمت ملك فى شقاوة قائلة:
شغل ولا حاجة تانية، يلا بقى اعترف.

ابتسم عمر فى حين قال عادل وهو يضربها على رأسها ضربة خفيفة وهو يقول:
وانتى مالك انتى ياحشرية؟
نظرت اليه ملك وهو تجز على أسنانها قائلة:
انت اللى مالك.؟ أنا وأخويا حرين مع بعض
رفع لها حاجبا وهو يقول:
والله!
أخرجت له لسانها فضحكت نادية قائلة:
فعلا أطفال
ثم نظرت الى عمر فوجدته شاردا فقالت له:
مالك ياعمر، ايه اللى واخد عقلك؟
أفاق عمر من شروده قائلا:.

مفيش حاجة ياست الكل، كل الموضوع حاجة كدة حصلت انهاردة وضايقتنى شوية
التفتوا اليه جميعا فى اهتمام ونادية تقول:
خير ياابنى، ايه اللى حصل؟
قال عمر:
ابن سكرتيرتى عمل حادثة وكانت حالته خطيرة وفقد دم كتير ومكنش فى المستشفى كمية كفاية من فصيلة دمه والحمد لله انى رحت معاها لأن فصيلة دمه زى فصيلتى، فاتبرعتله و الحالة دلوقتى مستقرة
عقد عادل حاجبيه قائلا:
ابن مريم ده ياعمر؟

التفتت اليه كل العيون، أربعة أعين فى غيرة لأنه يبدو مهتما بالفتاة وينطق اسمها بألفة ودون ألقاب، وعينا نادية التى نظرت اليه فى فضول لتعرف من تلك المريم التى تشغل بال ولديها الاثنين، قطع عمر تلك النظرات قائلا بهدوء:
أيوة، ابنها ياعادل
تساءل عادل قائلا:
تعرف جوزها ياعمر؟قصدى شفته؟
نظر اليه عمر متفحصا ملامحه وقلبه يعصف بنيران الغيرة ولكنه تمالك نفسه قائلا فى هدوء:.

لأ مشفتوش، هى منفصلة عن جوزها من قبل ما يعرف حتى انها حامل
قالت نادية فى أسى:
لا حول ولا قوة الا بالله، ياحبيبتى يابنتى
ازداد انعقاد حاجبى عادل وهو يقول:
وابنها ده عنده كام سنة؟
نظروا اليه جميعا فى دهشة فى حين قال عمر فى حدة:
هو تحقيق ياعادل؟ليه كل الأسئلة دى؟
تلعثم عادل قائلا:
ابدا، مجرد فضول، حاسس انى شفتها قبل كدة وعايز أتأكد
نظرت اليه ملك قائلة فى غيرة:
ممكن ما انت فالانتينو وحبايبك كتير.

نظر اليها كل من عمر وعادل بحدة فاستطردت قائلة وهى تهز كتفيها:
خلاص خلاص، وأنا مالى، أنا هطلع اوضتى، سلام
تابعها عادل وهى تغادر غاضبة ليعود بنظراته الى عمر قائلا:
مقلتليش ياعمر ابنها عنده كام سنة؟
جز عمر على اسنانه قائلا:
تقريبا أربع سنين، فيه أسئلة تانية؟
ظهر على عادل امارات التفكير فأثار غيظ عمر ولكنه آثر الصمت ليقول فى هدوء:
انا كمان حاسس انى تعبان وطالع اوضتى ارتاح شوية، بعد اذنكم.

ابتسمت نادية فى حنان وهى تومئ برأسها وما ان غادر عمر حتى التفتت الى عادل قائلة فى هدوء:
فيه ايه ياعادل؟
التفت اليها عادل قائلا:
ها، أبدا، مفيش حاجة ياخالتى
نظرت اليه متفحصة ملامحه وهى تقول:
لأ فيه، وحاجة كبيرة كمان، انا اللى ربيتك ياعادل بعد مااختى اتوفت، انت زيك زي عمر تمام، افهمكوا من غير ماتتكلموا، توكل على الله ياحبيبى واحكيلى مش يمكن أريحك؟

نظر اليها فى تردد ثم مالبث ان حسم وامره وحكى لها كل ما يشغل باله، من البداية ونادية تتحول ملامحها للدهشة وهى تستمع اليه حتى وصل للنهاية وهو يقول:.

بصى ياخالتى، انا يمكن شكوكى مش فى محلها، ممكن الطفل ده ميكونش ابن عمر، بس ده احساسى، واحساسى عمره ماكدب، احساسى بيقوللى ان مريم دى بنت مؤدبة واستحالة تعمل حاجة غلط، انا يوميها يمكن مقدرتش اتكلم معاه فى الموضوع ده لأنه كان متعصب، ومريم اختفت بعدها ومحدش عرف عنها حاجة، لغاية ما شفتها انهاردة فى المكتب، مش عارف ليه حسيت انها لسة بتحبه ياخالتى، والله لسة بتحبه، وظهور ابن ليها تقريبا سنه من سن الفترة اللى اختفت فيها ملوش غير معنى واحد ولا ايه؟

نظرت اليه نادية فى صمت ثم قالت فى هدوء:
عايزة اشوفها واشوف ابنها ياعادل
نظر اليها عادل فى دهشة فقالت:
لازم اشوفهم، وفى أسرع وقت
أومأ عادل برأسه فى تفهم واخرج هاتفه ليجرى ذلك الاتصال الذى سيغير الكثير فى حياة تلك العائلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى